فَمَا فَعَلَ وَلَا حَمَلَ هُوَ شَيْئًا، وَمَاتَ الشَّيْخُ وَلَمْ يَسْمَعِ ابْنُهُ الْجُزْءَ. وَلَكِنَّهُ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ أَكْثَرُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَمْتَنِعُ مِنَ الْأَخْذِ مِنَ الْغُرَبَاءِ خَاصَّةً، فَرَوَى السِّلَفِيُّ فِي مُعْجَمِ السَّفَرِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ بِشْرٍ الْإِسْفَرَائِينِيِّ قَالَ: اجْتَمَعْنَا بِمِصْرَ طَبَقَةً مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ، فَقَصَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مُنِيرٍ الْخَلَّالَ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا فِي الدُّخُولِ، فَجَعَلَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ النَّخْشَبِيُّ فَاهُ عَلَى كُوَّةِ بَابِهِ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِقَوْلِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ)) ، قَالَ: فَفَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلْنَا، فَقَالَ: لَا أُحَدِّثُ الْيَوْمَ إِلَّا مِنْ وَزْنِ الذَّهَبِ، فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْغُرَبَاءِ شَيْئًا، وَكَانَ فَقِيرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ، وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَشْرِطُ شَيْئًا وَلَا يَذْكُرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ قَبُولِ مَا يُعْطَى بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقْتَصِرُ فِي الْأَخْذِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَمْتَنِعُ فِي الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ سُكَيْنَةَ: قُلْتُ لِلْحَافِظِ ابْنِ نَاصِرٍ: أُرِيدُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ شَرْحَ دِيوَانِ الْمُتَنَبِّي لِأَبِي زَكَرِيَّا، وَكَانَ يَرْوِيهِ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ دَائِمًا تَقْرَأُ عَلَيَّ