الْمَنَامِ أَبَا دَاوُدَ صَاحِبَ السُّنَنِ فِي آخَرِينَ مُجْتَمِعِينَ، وَأَنَّ أَحَدَهُمْ قَالَ: كُلُّ حَدِيثٍ لَمْ يَرْوِهِ الْبُخَارِيُّ، فَاقْلِبْ عَنْهُ رَأْسَ دَابَّتِكَ ".
وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ بِتَفْضِيلِ كِتَابِ النَّسَائِيِّ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ: إِنَّ مَنْ شَرَطَ الصِّحَّةَ، فَقَدْ جَعَلَ لِمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ فِي الْإِدْرَاكِ سَبَبًا إِلَى الطَّعْنِ عَلَى مَا لَمْ يُدْخِلْ، [وَجَعَلَ لِلْجِدَالِ مَوْضِعًا] فِيمَا أَدْخَلَ. وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا.
وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا لَمْ يَلْتَزِمَا حَصْرَ الصَّحِيحِ فِيمَا أَوْدَعَاهُ كِتَابَيْهِمَا (وَلَكِنْ قَلَّ مَا) أَيِ: الَّذِي (عِنْدَ) الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الشَّيْبَانِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ (ابْنِ الْأَخْرَمِ) شَيْخِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَمِيمٍ مُدْغَمَةٍ فِي مِيمِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنَ الصَّحِيحِ (قَدْ فَاتَهُمَا، وَرُدَّ) مِنِ ابْنِ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ، فَإِنَّهُ يَصْفُو مِنْ (مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ) عَلَيْهِمَا صَحِيحٌ كَثِيرٌ.
(لَكِنْ قَالَ) الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا (يَحْيَى) النَّوَوِيُّ (الْبَرُّ) - لِمَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِنَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَأَصْنَافِ الْبِرِّ مَا فَاقَ فِيهِ ; بِحَيْثُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ كَانَ سَالِكًا مِنْهَاجَ الصَّحَابَةِ، لَا يُعْلَمُ فِي عَصْرِهِ مَنْ سَلَكَهُ غَيْرُهُ - فِي كِتَابِهِ ((الْإِرْشَادِ)) بَعْدَ قَوْلِهِ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْأَخْرَمِ: إِنَّهُ فَاتَهُمَا كَثِيرٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُشَاهَدَةُ.