قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَهَذَا أَوْسَعُ مِنَ الْأَوَّلِ، يَعْنِي: سَوَاءٌ أَرَادَ قَائِلُهُ مُضِيَّهَا مِنْ مَوْتِهِ، أَوْ مِنْ حِينِ السَّمَاعِ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ فِي ثَانِيهِمَا - كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - بَعِيدٌ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْخُهُ إِلَى الْآنِ حَيًّا) .
قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ إِذَا مَضَى عَلَى إِسْنَادِ كِتَابٍ أَوْ حَدِيثٍ ثَلَاثُونَ سَنَةً، وَهُوَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا يَقَعُ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ كَكِتَابِ الْبُخَارِيِّ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مَثَلًا عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ الزُّبَيْدِيِّ ; فَإِنَّهُ قَدْ مَضَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً مِنْ مَوْتِ مَنْ كَانَ آخِرَ مَنْ يَرْوِيهِ عَالِيًا، وَهُوَ الْحَجَّارُ، وَكَهُوَ أَيْضًا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ عَلَى مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ أَصْحَابِ الْحَجَّارِ وَطَبَقَتِهِ ; فَإِنَّهُ قَدْ مَضَتْ عَلَيْهِ بِمِصْرِنَا نَحْوَ ثَمَانِيَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَبِغَيْرِهِ أَكْثَرُ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ ; لِأَنَّ آخِرَ مَنْ كَانَ يَرْوِيهِ بِالسَّمَاعِ عَائِشَةُ ابْنَةُ ابْنِ عَبْدِ الْهَادِي، وَكَانَتْ وَفَاتُهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سِتَ عَشَرَةٍ وَثَمَانِمِائَةٍ.
وَقَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ مِمَّا هُوَ أَوْسَعُ: الَّذِي أَخْتَارُهُ - وَهُوَ الْأَحْسَنُ - أَنَّ مَنْ مَاتَ شَيْخُ شَيْخِهِ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ فَسَمَاعُهُ مِنْ شَيْخِهِ عَالٍ.
(746) ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ السَّمَاعِ ... وَضِدُّهُ النُّزُولُ كَالْأَنْوَاعِ.
(747) وَحَيْثُ ذُمَّ فَهْوَ مَا لَمْ يُجْبَرِ
وَالصِّحَّةُ الْعُلُوُّ عِنْدَ النَّظَرِ.
[عُلُوُّ الْإِسْنَادِ بِقِدَمِ السَّمَاعِ] :
(ثُمَّ) يَلِيهِ أَقْسَامُ الصِّفَةِ، وَهُوَ خَامِسُ الْأَقْسَامِ، (عُلُوُّ) الْإِسْنَادِ بِسَبَبِ (قِدَمِ السَّمَاعِ) لِأَحَدِ رُوَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِرَاوٍ آخَرَ اشْتَرَكَ مَعَهُ فِي السَّمَاعِ مِنْ شَيْخِهِ، أَوْ لِرَاوٍ سَمِعَ مِنْ رَفِيقٍ لِشَيْخِهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ سَمَاعُ أَحَدِهِمَا مِنْ سِتِّينَ مَثَلًا، وَالْآخَرِ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَيَتَسَاوَى الْعَدَدُ إِلَيْهِمَا، فَالْأَوَّلُ أَعْلَى، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُ عَنِ الْآخَرِ أَمْ لَا.
وَكَذَا - كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ - يَقَعُ التَّدَاخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِسْمِ الَّذِي قَبِلَهُ، بِحَيْثُ جَعَلَهُمَا ابْنُ طَاهِرٍ ثُمَّ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَاحِدًا،