عَلَى ابْنِ خَلَفٍ، فَالْبَيْهَقِيُّ مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (458 هـ) ، وَالْآخَرُ مَاتَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (487 هـ) .

وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهَذَا الْقِسْمِ فِي الْعُلُوِّ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ فِي (الْإِرْشَادِ) ، فَقَالَ: قَدْ يَكُونُ الْإِسْنَادُ يَعْلُو عَلَى غَيْرِهِ بِتَقَدُّمِ مَوْتِ رَاوِيهِ، وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْعَدَدِ.

وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَمَثَّلَهُ بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ ; لِحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جَنْبِ خَشَبَةٍ» ; فَإِنَّهَا أَعْلَى مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْهُ ; لِأَنَّ وَفَاةَ الْحَسَنِ كَانَتْ فِي رَجَبٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، وَوَفَاةَ حُمَيْدٍ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ.

قَالَ: فَلَا يَكُونُ الْإِسْنَادُ إِلَى الْحَسَنِ مِثْلَ الْإِسْنَادِ إِلَى حُمَيْدٍ، وَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الرُّتْبَةِ، بَلِ الطَّرِيقُ إِلَى الْحَسَنِ أَعْلَى وَأَجَلُّ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الرَّاوِيَ لِهَذَا عَنِ الْحَسَنِ هُوَ الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَالرَّاوِي لَهُ عَنْ حُمَيْدٍ هُوَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ.

قَالَ: وَقَدْ يَقَعُ فِي طَبَقَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا ; فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ حَدَّثَ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُنَادِي، وَاسْمُهُ - عَلَى الْمُعْتَمَدِ - مُحَمَّدٌ لَا أَحْمَدُ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ بِحَدِيثٍ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُبَيٍّ: ( «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ» ) ، وَحَدَّثَ بِهِ بِعَيْنِهِ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُنَادِي، وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً.

فَالْبُخَارِيُّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتَأَخَّرَ شَيْخُهُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ أَرْبَعَةَ عَشْرَةِ سَنَةً حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ السَّمَّاكِ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاةُ ابْنِ السَّمَّاكِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. فَهُمَا - وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي الْمَنْزِلَةِ - فَقَدِ افْتَرَقَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015