لما كان إبراهيم أمة فقد جمع خصال الخير ومنها الكرم، فقد سمي أبا الضيفان، وقد جاءه أضياف من الملائكة وهو لا يعرف أنهم ملائكة، فذهب إلى بيته وجاءهم بعجل حنيذ، وكان الملائكة ثلاثة، وعلى قلة عددهم كان يكفيهم القليل من اللحم، إلا أن إبراهيم يذهب إلى بيته ويجيء بعجل حنيذ، ثم يقبل عليهم ويقول: {أَلا تَأْكُلُونَ} [الذاريات:27].
فكان في غاية الكرم، وغاية الأدب مع ضيوفه، فإنه لما أتاهم بهذا الطعام الطيب، جلس معهم وما قال لهم: كلوا، ولكن قال: {أَلا تَأْكُلُونَ} [الذاريات:27]، أي: ألا تتفضلون فتأكلون، وهذا غاية الأدب في الحوار، وفرق بين أن تقول للضيف: كل، بصيغة الأمر، فقد يأنف ويرفض الأكل، وبين أن تقول: تفضل، ألا تأكل من طعامنا، فإنك بخطابك هذا تتلطف مع الضيف ليأكل من طعامك.