يقول هنا في المتن: [وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال موسى: يا رب، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به.
قال: قل يا موسى، لا إله إلا الله.
قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله) رواه ابن حبان والحاكم وصححه لكن إسناده ضعيف؛ لأن في إسناده دراج بن سمعان، وكنيته: أبو السمح، يروي عن أبي الهيثم، ودراج صدوق، وقالوا: ثقة إلا في روايته عن أبي الهيثم وهذا من روايته عنه فهو ضعيف، لكن جاءت أحاديث قريبة من هذا المعنى في فضل لا إله إلا الله.
ففي هذا الحديث أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: يا رب علمني شيئاً أذكرك به وأدعوك به، فقال: قل لا إله إلا الله، قال: كل عبادك يقولون: لا إله إلا الله فقال له: (لو أن السموات السبع وعامر السموات السبع من الملائكة غير الله، وكذلك الذين في الأرض؛ لو وضعوا في كفة، ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله.
وفي حديث آخر صحيح في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي عليه جبة من طيالسة مكفوفة بديباج أو مزرورة بديباج.
فهذا الأعرابي لابس جبة من طيالسة، عليها شيء من الحرير في الكف، وهذا الرجل أعرابي مغرور، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يكلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: إن صاحبكم هذا يريد أن يرفع كل راع ابن راع، ويضع كل فارس بن فارس، وهذا فيه دلالة على أنه سيئ الأدب، ولعله كان كافراً في هذا الوقت.
فلما قال ذلك قام النبي صلى الله عليه وسلم مغضباً فأخذ بمجامع جبته فاجتذبه وقال له: أرى عليك ثياب من لا يعقل! أي: أنت مفتخر بهذه الثياب، وهي ثياب من ليس لهم عقول، ولا يخافون الله سبحانه، فتتكلم بكلام من لا يعقل من أهل الجاهلية وأهل الكفر.
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس، فقال: (إن نوحاً عليه السلام لما حضرته الوفاء دعا ابنيه قال: إني قاصر عليكم الوصية: آمركما باثنتين، وأنهاكما عن اثنتين، أنهاكما عن الشرك والكبر، وآمركما بلا إله إلا الله).
فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم هذا الأعرابي الجاهل الأحمق أن لا يكون متكبراً، قال: قال نوح عليه الصلاة والسلام: (أنهاكما عن الشرك والكبر وآمركما بلا إله إلا الله، فإن السموات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفة الميزان، ووضعت لا إله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح، ولو أن السموات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا إله إلا الله لفصمتها أو لقصمتها) أي: لو صيغت منهما حلقة واحدة مقفلة، وفي رواية: مبهمة، يعني: حلقة ليس لها مدخل يدخل إليها، ثم جاءت كلمة لا إله إلا الله فوضعت لقصمت هذه الحلقة أو لفصمتها.
قال: (وآمركما بسبحان الله وبحمد الله فإنها صلاة كل شيء) أي: كل شيء يسبح الله بهذه الكلمة: (سبحان الله وبحمده).
قال: (وبها يرزق كل شيء) فمفاتيح الخزائن والرزق بقوله: سبحان الله وبحمده، فكلمة لا إله إلا الله أعظم الكلام الذي يقوله الإنسان، وأعظم الذكر، وأعظم الدعاء.
وجاء عند الترمذي من حديث عبد الله بن عمر وهو حديث حسن قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
فهذه الكلمة من أعظم الكلام الذي يقوله الإنسان في حياته وعند وفاته.
وعند الترمذي أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو (يصاح برجل من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعون سجلاً) فهذا إنسان يأتي يوم القيامة، وينادى عليه ويصاح به، والفزع يحيره ويدهشه حتى ينسى كل شيء، فعندما يقف بين يدي الله عز وجل ينشر له عمله في تسعة وتسعين كتاباً، كلها ممتلئة بالذنوب التي فعلها وكل سجل مد البصر.
قال: (ثم يقال له: أتنكر من هذا شيئاً؟ فيقول: لا، فيقال له: أظلمك كتبتي الحافظون؟ يقول: لا، يا رب، فيقال: ألك عذر أو حسنة، فيهاب الرجل فيقول: لا، فيقال: بلى، إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم! فيقول العبد: يا رب، أين الحسنة؟ قال: فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة).
فهذه تسعة وتعسون سجلاً، كل سجل مد البصر، وضعت في كفة والبطاقة في كفة مكتوب عليها لا إله إلا الله، فطاشت السجلات، يعني: من ثقل هذه الورقة بحيث إن الكفة الثانية طارت وطاشت، فغفر لهذا العبد بفضل هذه الكلمة (لا إله إلا الله)!