من المسائل التي ذكرها الشيخ هنا: (أن المعصية قد تؤثر في الأرض وكذلك الطاعة).
ومقصده: أن عبادة الله عز وجل في أي مكان ترفع من قيمة هذا المكان، وإذا كان هذا المكان فيه شرك بالله عز وجل فإنه لا يكون له نفس المكانة التي كانت له قبل وقوع الشرك فيه، فأثرت المعصية على هذه البقعة من الأرض بأن يجتنب الإنسان الموضع لأنه كان يعبد فيه غير الله سبحانه وتعالى، وإن كانت المعصية أثرها على أصحابها والأرض لا تحمل من أوزار الناس شيئاً.
قال: (وكذلك الطاعة).
يعني: المكان الذي أسس على تقوى الله كانت النتيجة أن صلوا في هذا المكان وقوموا فيه، والمكان الذي أسس على مضارة المؤمنين ومحادة الله ورسوله كانت النتيجة (لا تقم فيه أبداً).
هذا مقصد كلامه.
وفيه أيضاً: رد المسألة المشكلة إلى المسألة البينة ليزول الإشكال، يعني: إذا سأل إنسان عن شيء موهم مشكل يمكن أن يكون له جواب متعارض فاصبر حتى تفهم المسألة ويزال عنك الإشكال لتجيب بالصواب.
وفيه أيضاً: المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله وإبعاده إلا ما ذكرناه قبل ذلك.
فيه المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم ولو بعد زواله، يعني: لا ينذر نذراً في مكان كان فيه شرك بالله، أو كان فيه عيد من أعياد الجاهلية، أو كان فيه وثن من أوثانهم، ولا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة لأنه معصية، وفيه الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصدهم.
وكذلك الحذر من مشابهتهم في أفعالهم، وكما ذكرنا قبل ذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا بنى أحدهم بيتاً ذبح في مكان من البيت يتقرب للجن بذلك حتى لا يضروه، ومن فعل مثل هذا الآن بمثل هذه النية فإنه يتشبه بهم، وعلى الإنسان ألا يفعل أفعال هؤلاء كما قدمنا قبل ذلك، والذي يبني عمارة ويذبح فيها بقرة أو يذبح فيها شيئاً قد يعرف وقد لا يعرف أصل هذا العمل، فإن كان يعرف فقد شابه هؤلاء وقصد قصدهم، وإذا كان لا يعرف ينبه على ذلك وأنه لا ينبغي أن يذبح ويقلد المشركين في ما كانوا يصنعون.
ومن المسائل أيضاً: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، وقد دل الحديث على أن الشيء الذي لا تملكه لا يجب عليك الوفاء به إذا نذرت فيه ولا يتم نذرك بذلك، والأفضل في ذلك أن تكفر عنه كفارة يمين، مثل أن يقول: لله علي إذا حدث كذا أن أذبح بقرة جاري، فهنا هو لا يدري أن جاره سيسمح له بذلك أو لا؟ وهل سيبيع له البقرة أو لا؟ إذاً: هو نذر شيئاً لا يقدر عليه، وفي هذه الحالة يكفر كفارة يمين.