فأعطاه الراية، قال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " 1.
"يدوكون" أي يخوضون.
قوله: "عن سهل بن سعد" أي ابن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي، أبي العباس صحابي شهير، وأبوه صحابي أيضا، مات سنة ثمان وثمانين وقد جاوز المائة.
قوله: "قال يوم خيبر" وفي الصحيحين عن سلمة بن الأكوع قال:
" كان علي رضي الله عنه قد تخلف عن النبي صلي الله عليه وسلم في خيبر، وكان أرمد، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فخرج علي رضي الله عنه فلحق بالنبي صلي الله عليه وسلم، فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله عز وجل في صباحها، قال صلي الله عليه وسلم: لأعطين الراية - أو ليأخذن الراية - غدا رجل يحبه الله ورسوله، أو قال: يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه. فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله صلي الله عليه وسلم الراية ففتح الله عليه " 2.
قوله: "لأعطين الراية" قال الحافظ: في رواية بريدة: "إني دافع اللواء إلى رجل يحبه الله ورسوله" وقد صرح جماعة من أهل اللغة بترادفها، ولكن روى أحمد والترمذي من حديث ابن عباس: " كانت راية رسول الله صلي الله عليه وسلم سوداء، ولواؤه أبيض "3 ومثله عند الطبراني عن.
الناس يدوكون ليلتهم: أيهم يعطاها. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلي الله عليه وسلم كلهم
بريدة. وعند ابن عدي عن أبي هريرة وزاد: "مكتوب فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله"4.
قوله: " يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " فيه فضيلة عظيمة لعلي رضي الله عنه.
قال شيخ الإسلام: ليس هذا الوصف مختصا بعلي ولا بالأئمة؛ فإن الله ورسوله يحب كل مؤمن تقي يحب الله ورسوله، لكن هذا الحديث من أحسن ما يحتج به على النواصب الذين لا يتولونه، أو يكفرونه أو يفسقونه كالخوارج. لكن هذا الاحتجاج لا يتم على قول الرافضة الذين يجعلون النصوص الدالة على فضائل الصحابة كانت قبل ردتهم، فإن الخوارج تقول في علي مثل ذلك، ولكن هذا باطل؛ فإن الله تعالى ورسوله لا يطلق مثل هذا المدح على من يعلم الله أنه يموت كافرا.