قلت: يوضح هذا قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} 1 أي على دينه من إخوانه المرسلين، قاله ابن جرير - رحمه الله تعالى -: {إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} 2، وذكر تعالى عن خليله - عليه السلام - أنه قال لأبيه آزر: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاً جَعَلْنَا نَبِيّاً} 3 فهذا هو تحقيق التوحيد. وهو البراءة من الشرك وأهله، واعتزالهم والكفر بهم وعداوتهم وبغضهم. فالله المستعان.

قال المصنف - رحمه الله - في هذه الآية: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} 4 لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين {قَانِتاً لِلَّهِ} لا للملوك ولا للتجار المترفين {حَنِيفًا} لا يميل يمينا ولا شمالا; كفعل العلماء المفتونين {لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 5 خلافا لمن

كثر سوادهم وزعم أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015