خصص منهم من له عهد والرهبان والنسوان، ومن لم يبلغ الحلم، وقد قال متصلا به: " ولا تقتلوا وليدا ". وإنما نهى عن قتل الرهبان والنسوان؛ لأنه لا يكون منهم قتال غالبا. وإن كان منهم قتال أو تدبير قتلوا.
قلت: وكذلك الذراري والأولاد.
قوله: " ولا تغُلُّوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ". الغلول: الأخذ من الغنيمة من غير قسمتها. والغدر: نقض العهد. والتمثيل هنا: التشويه بالقتيل، كقطع أنفه وأذنه والعبث به. ولا خلاف في تحريم الغلول والغدر، وفي كراهية المثلة.
قوله: " وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال -أو خصال- ". الرواية بالشك وهو من بعض الرواة. ومعنى الخلال والخصال واحد.
قوله: " فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ". قيدناه عمن يوثق بعلمه وتقييده بنصب "أيتهن" على أن يعمل فيها "أجابوك" لا على إسقاط حرف الجر. و "ما" زائدة. ويكون تقدير الكلام: فإلى أيتهن أجابوك فاقبل منهم. كما تقول: جئتك إلى كذا وفي كذا، فيعدى إلى الثاني بحرف جر.
قلت: فيكون في ناصب "أيتهن" وجهان: ذكرهما الشارح. الأول: منصوب على الاشتغال. والثاني: على نزع الخافض.
عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. قوله: "ثم ادعهم إلى الإسلام" كذا وقعت الرواية في جميع نسخ كتاب مسلم. "ثم ادعهم" بزيادة "ثم" والصواب إسقاطها. كما روي في غير كتاب مسلم، كمصنف أبي داود، وكتاب الأموال لأبي عبيد؛ لأن ذلك هو ابتداء تفسير الثلاث الخصال.
وقوله: "ثم ادعهم إلى التحول إلى دار المهاجرين" يعني المدينة. وكان في أول