وذمه، والعجز مذموم شرعا وعقلا، وفي الحديث: " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني " 1 2. فأرشده صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إذا أصابه ما يكره أن لا يقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن يقول: قد قَدَّرَ الله وما شاء فعل، أي هذا قدر الله، والواجب التسليم للقدر والرضى به، واحتساب الثواب عليه.

قوله: "فإن "لو" تفتح عمل الشيطان" أي لما فيها من التأسف على ما فات والتحسر ولوم القدر، وذلك ينافي الصبر والرضى، والصبر واجب، والإيمان بالقدر

فرض، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} 3.

قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: " الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ". وقال الإمام أحمد: "ذكر الله الصبر في تسعين موضعا من القرآن".

قال شيخ الإسلام رحمه الله- وذكر حديث الباب بتمامه- ثم قال في معناه: لا تعجز عن مأمور، ولا تجزع عن مقدور، ومن الناس من يجمع كلا الشرين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحرص على النافع والاستعانة بالله، والأمر يقتضي الوجوب، وإلا فالاستحباب، ونهى عن العجز وقال: " إن الله يلوم على العجز " 4. والعاجر ضد "الذين هم ينتصرون" فالأمر بالصبر والنهي عن العجز مأمور به في مواضع كثيرة; وذلك لأن الإنسان بين أمرين: أمر أُمر بفعله، فعليه أن يفعله ويحرص عليه ويستعين الله ولا يعجز. وأمرٌ أصيب به من غير فعله. فعليه أن يصبر عليه ولا يجزع منه. ولهذا قال بعض العقلاء- ابن المقفع أو غيره-: الأمور أمران: أمر فيه حيلة فلا تعجز عنه، وأمر لا حيلة فيه فلا تجزع منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015