العبودية الخاصة فإنها تختص بأهل الإخلاص والطاعة، كما قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} 1 ونحوها.

قوله: "حاشا عبد المطلب" هذا استثناء من العموم المستفاد من كل، وذلك أن تسميته بهذا الاسم لا محذور فيها؛ لأن أصله من عبودية الرق، وذلك أن المطلب أخو هاشم قدم المدينة، وكان ابن أخيه شيبة هذا قد نشأ في أخواله بني النجار من الخزرج؛ لأن هاشما تزوج فيهم امرأة، فجاءت منه بهذا الابن، فلما شب في أخواله، وبلغ سن التمييز سافر به عمه المطلب إلى مكة بلد أبيه وعشيرته2، فقدم به مكة وهو رديفه، فرآه أهل مكة وقد تغير لونه بالسفر، فحسبوه عبدا للمطلب، فقالوا: هذا عبد المطلب، فعلق به هذا الاسم وركبه، فصار لا يذكر ولا يدعى إلا به3 فلم يبق للأصل معنى مقصود. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا ابن عبد المطلب " 4 5. وقد صار معظما في قريش والعرب، فهو سيد قريش وأشرفهم في جاهليته، وهو الذي حفر زمزم وصارت له السقاية وفي ذريته من بعده. وعبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد بني عبد المطلب، وتوفي في حياة أبيه.

وعن ابن عباس في الآية قال: " لما تغشاها آدم حملت، فأتاهما إبليس. فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعنني أو لأجعلن له قرني أيل، فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن، يخوفهما. سمياه عبد الحارث. فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا. ثم حملت، فأتاهما فقال مثل قوله، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا. ثم حملت فأتاهما فذكر لهما فأدركهما حب الولد، فسمياه عبد الحارث. فذلك قوله: {جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} ". رواه ابن أبي حاتم.

وله بسند صحيح عن قتادة قال: " شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته ".

وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: {لئن آتيتنا صالحا} 6 قال: " أشفقا أن لا يكون إنسانا " وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.

قال الحافظ صلاح الدين العلائي في كتاب الدرة السنية في مولد خير البرية: " كان سن أبيه عبد الله حين حملت منه آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثمانية عشر عاما، ثم ذهب إلى المدينة ليمتار منها تمرا لأهله، فمات بها عند أخواله بني عدي بن النجار، والنبي صلى الله عليه وسلم حملٌ على الصحيح". انتهى.

قلت: وصار النبي صلى الله عليه وسلم لما أوضعته أمه في كفالة جده عبد المطلب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015