قوله: "وفي رواية: " لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر ".

معنى هذه الرواية: هو ما صرح به في الحديث من قوله: " وأنا الدهر; أقلب الليل والنهار ". يعني أن ما يجري فيه من خير وشر بإرادة الله وتدبيره، بعلم منه تعالى وحكمة، لا يشاركه في ذلك غيره. ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فالواجب عند ذلك حمده في الحالتين، وحسن الظن به سبحانه وبحمده، والرجوع إليه بالتوبة والإنابة، كما قال تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 1. وقال تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 2. ونسبة الفعل إلى الدهر ومسبته كثيرة، كما في أشعار المولدين، كابن المعتز والمتنبي وغيرهما. وليس منه وصف السنين بالشدة ونحو ذلك كقوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ} 3 الآية.

وقال بعض الشعراء:

إن الليالي من الزمان مهولة ... تطوى وتنشر بينها الأعمار

فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار

وقال أبو تمام:

أعوام وصل كاد يُنسى طيبها ... ذكري النوى فكأنها أيام

ثم انبرت أيام هجر أعقبت ... نحوي أسى فكأنها أعوام

ثم انقضت تلك السنون وأهلها ... فكأنها وكأنهم أحلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015