وفيما قاله الشعبي ما يبين أن المنافق يكون أشد كراهة لحكم الله ورسوله من اليهود والنصارى، ويكون أشد عداوة منهم لأهل الإيمان. كما هو الواقع في هذه الأزمنة وقبلها من إعانة العدو على المسلمين، وحرصهم على إطفاء نور الإسلام والإيمان، ومن تدبر ما في التاريخ وما وقع منهم من الوقائع عرف أن هذا حال المنافقين قديما وحديثا، وقد حذر الله نبيه صلى الله عليه وسلم من طاعتهم والقرب منهم، وحضه على جهادهم في مواضع من كتابه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} 1 الآية. وقي قصة عمر رضي الله عنه وقتله المنافق الذي طلب التحاكم إلى كعب بن الأشرف اليهودي دليل على قتل من أظهر الكفر والنفاق، وكان كعب بن الأشرف هذا شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم والأذى له، والإظهار لعداوته فانتقض به عهده، وحل به قتله. وروى مسلم في صحيحه عن عمر: سمعت جابرا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله، قال محمد بن مسلمة: يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: نعم، قال: ائذن لي فلأقلْ، قال: قل، فأتاه فقال له، وذكر ما بينهما وقال: إن هذا الرجل قد أراد صدقة وقد عنّانا. فلما سمعه قال: وأيضا والله لتملنه، قال: إنا قد اتبعناه الآن، ونكره أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير أمره، قال: وقد أردت أن تسلفني سلفا، قال: فما ترهنني؟ قال: ما تريد؟ قال: ترهنني نساءكم؟ قال: أنت أجمل العرب، أنرهنك نساءنا؟ قال: ترهنوني أولادكم؟ قال: يُسبُّ ابن أحدنا فيقال: رُهن في وسقين من تمر. ولكن نرهنك اللامة- يعني السلاح- قال: فنعم. وواعده أن يأتيه بالحارث وأبي عبس ابن جبر وعباد بن بشر. قال: فجاءوا فدعوه ليلا فنزل إليهم. -قال سفيان: قال غير عمرو: - قالت له امرأته: إني أسمع صوتا كأنه صوت دم، قال: إنما هذا محمد بن مسلمة ورضيعه وأبو نائلة2؛ إن الكريم لو دعي إلى طعنة ليلا لأجاب. قال محمد: إني إذا جاء فسوف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015