الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله " 1. وساق بسنده عن الحارث بن عمر عن أناس من أصحاب معاذ بن جبل رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن - بمعناه".

والأئمة -رحمهم الله- لم يقصروا في البيان، بل نهوا عن تقليدهم إذا استبانت السنة، لعلمهم أن من العلم شيئا لم يعلموه، وقد يبلغ غيرهم، وذلك كثير كما لا يخفى على من نظر في أقوال العلماء.

قال أبو حنيفة -رحمه الله-: " إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن الصحابة -رضي الله عنهم- فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن التابعين فنحن رجال وهم رجال".

وقال: " إذا قلت قولا وكتاب الله يخالفه فاتركوا قولي لكتاب الله". قيل: إذا كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالفه؟ قال: " اتركوا قولي لخبر الرسول صلى الله عليه وسلم". وقيل: إذا كان قول الصحابة يخالفه؟ قال: " اتركوا قولي لقول الصحابة".

وقال الربيع: " سمعت الشافعي -رحمه الله- يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوا ما قلت".

وقال: " إذا صح الحديث بما يخالف قولي فاضربوا بقولي الحائط".

عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ

وقال مالك: " كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وتقدم له مثل ذلك، فلا عذر لمقلد بعد هذا. ولو استقصينا كلام العلماء في هذا لخرج عما قصدناه من الاختصار، وفيما ذكرناه كفاية لطالب الهدى2.

قوله: "لعله إذا رد بعض قوله" أي قول الرسول صلى الله عليه وسلم "أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك" نبه -رحمه الله- أن رد قول الرسول صلى الله عليه وسلم سبب لزيغ القلب، وذلك هو الهلاك في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015