وروى الإمام أحمد أيضا عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير قال: قال عثمان "-رضي الله عنه وهو يخطب على منبره-: " إني محدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لم يكن يمنعني أن أحدثكم به إلا الظن بكم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها " 2.
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن المبارك: قال عبد الله بن محمد قاضي نصيبين: حدثني محمد بن إبراهيم ابن أبي سكينة أنه أملى عليه عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وواعده الخروج. وأنشدها معه إلى الفضيل بن عياض في سنة سبع وسبعين ومائة. قال:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولهم يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ... رَهَج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ... قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبار خيل الليل في ... أنف امرئ ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بيننا ... ليس الشهيد بميت لا يكذب
قال: فلقيت الفضيل بكتابه في المسجد الحرام، فلما قرأه ذرفت عيناه فقال: صدق أبو عبد الرحمن ونصحني، ثم قال: أنت ممن يكتب الحديث؟ قلت: نعم، قال لي: اكتب هذا الحديث، وأملى عليّ الفضيل بن عياض: حدثنا منصور بن المعتمر عن أبي صالح عن أبي هريرة: " أن رجلا قال: يا رسول الله علمني عملا أنال به ثواب المجاهدين في سبيل الله، فقال: هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر، وتصوم فلا تفطر؟ فقال: يا رسول الله أنا أضعف من أن أستطيع ذلك، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: فوالذي نفسي بيده لو طُوِّقت ذلك ما بلغت، فضل المجاهدين في سبيل الله، أما علمت أن فرس المجاهد لَيْسَتَنُّ في طِوَله فيكتب له بذلك حسنات "؟ 3 4