عليهم وقدر لهم". وفي رواية: "شؤمهم عند الله ومن قِبَله" أي إنما جاءهم الشؤم من قبله بكفرهم وتكذيبهم بآياته ورسله.

قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 1 أي أن أكثرهم جهال لا يدرون. ولو فهموا وعقلوا لعلموا أنه ليس فيما جاء به موسى -عليه السلام- إلا الخير والبركة والسعادة والفلاح لمن آمن به واتبعه.

قوله: " وقوله تعالى: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} الآية" المعنى- والله أعلم-: حظكم وما نابكم من شر معكم، بسبب أفعالكم وكفركم ومخالفتكم الناصحين، ليس هو من أجلنا ولا بسببنا. بل ببغيكم وعدوانكم. فطائر الباغي الظالم معه، فما وقع به من الشر فهو سببه الجالب له. وذلك بقضاء الله وقدره وحكمته وعدله; كما قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} 2. ويحتمل أن يكون المعنى: طائركم معكم. أي راجع عليكم، فالتطير الذي حصل لكم إنما يعود عليكم. وهذا من باب القصاص في الكلام. ونظيره قوله -عليه الصلاة والسلام-:

" إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم " 34. ذكره ابن القيم رحمه الله.

قوله تعالى: {أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ} 5 أي من أجل أنَّا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله قابلتمونا بهذا الكلام؟ {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} 6. قال قتادة: " أإن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا؟ "

ومناسبة الآيتين للترجمة: أن التطير من عمل أهل الجاهلية والمشركين. وقد ذمهم الله تعالى به ومقتهم; وقد نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم عن التطير وأخبر أنه شرك. كما سيأتي في أحاديث الباب.

قال: "وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صَفَر " 7. أخرجاه. زاد مسلم: " ولا نوء ولا غول " 8".

قال أبو السعادات: "العدوى" اسم من الإعداء. كالدعوى. يقال: أعداه الداء يعديه إعداء: إذا أصابه مثل ما بصاحب الداء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015