ذلك طلب المنزلة في قلوب الخلق واقتناص الدنيا بهذه الأمور. وحسبك بحال الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم-، وهم سادات الأولياء، أفكان عندهم من هذه الدعاوى والشطحات شيء؟ لا والله، بل كان أحدهم لا يملك نفسه من البكاء إذا قرأ القرآن، كالصديق رضي الله عنه، وكان عمر رضي الله عنه

وقال ابن عباس - في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم-: " ما أرى مَن فعل ذلك له عند الله من خلاق ".

يسمع نشيجه من وراء الصفوف يبكي في صلاته، وكان يمر بالآية في ورده من الليل فيمرض منها ليالي يعودونه، وكان تميم الداري يتقلب على فراشه ولا يستطيع النوم إلا قليلا خوفا من النار، ثم يقوم إلى صلاته. ويكفيك في صفات الأولياء ما ذكره الله تعالى في صفاتهم في سورة الرعد والمؤمنين والفرقان والذاريات والطور1. فالمتصفون بتلك الصفات هم الأولياء الأصفياء، لا أهل الدعوى والكذب ومنازعة رب العالمين فيما اختص به من الكبرياء والعظمة وعلم الغيب، بل مجرد دعواه علم الغيب كفر، فكيف يكون المدعي لذلك وليا لله؟ ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين، ولبسوا بها على خفافيش القلوب. نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة.

قوله: "وقال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد إلى آخره". هذا الأثر رواه الطبراني عن ابن عباس مرفوعا. وإسناده ضعيف. ولفظه: " رُبّ معلم حروف أبي جاد دارس في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015