أحاديث صحيحة. ومدار أصول الدين وأحكامه على هذه الأحاديث ونحوها. وقد بين الله تعالى هذا الأصل في مواضع من كتابه العزيز، كما قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} 1. وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} 2. ونظائرها في القرآن كثير.
وعن زياد بن حُدَير قال: قال لي عمر رضي الله عنه: " وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان.
" هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قلت: لا، قال: يهدمه زَلَة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين "3 رواه الدارمي.
وقال يزيد بن عمير: " كان معاذ بن جبل رضي الله عنه لا يجلس مجلسا للذكر إلا ويقول: الله حكم قسط: هلك المرتابون وفيه: فاحذروا زيغة الحكيم؛ فإن الشيطان قد يقول الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق. قلت لمعاذ: وما يدريني -رحمك الله- أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة؟ والمنافق قد يقول كلمة الحق؟ فقال: اجتنب من كلام الحكيم المشتبهات التي يقول: ما هذه؟ ولا يثنيك ذلك عنه؛ فإنه لعله أن يراجع الحق، وتلق الحق إذا سمعته; فإن على الحق نورا "4. رواه أبو داود وغيره.
قوله: " وإذا وقع السيف لم يرفع إلى يوم القيامة ". وكذلك وقع فإن السيف لما وقع بقتل عثمان رضي الله عنه لم يرفع; وكذلك يكون إلى يوم القيامة، ولكن قد يكثر تارة ويقل أخرى، ويكون في جهة ويرتفع عن أخرى5.
قوله: " ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين " "الحي" واحد الأحياء وهي القبائل. وفي رواية أبي داود: " حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين " 6.
والمعنى: أنهم يكونون معهم ويرتدون. برغبتهم عن أهل الإسلام ويلحقون بأهل الشرك.
وقوله: " حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان " "الفئام" بكسر الفاء مهموز: الجماعات