بجر التاء1 أراد العبد. وهما لغتان: عبد بسكون الباء، وعبد بضمها، مثل سبْع وسبُع2 وقرأ الحسن "وعبد الطاغوت " على الواحد3.

وفي تفسير الطبرسي: " قرأ حمزة وحده "وعبُد الطاغوتِ" بضم الباء وجر التاء، والباقون "وعبَد الطاغوتَ" بنصب الباء وفتح التاء. وقرأ ابن عباس وابن مسعود وإبراهيم النخعي والأعمش وأبان بن تغلب "وعُبُدَ الطاغوتِ" بضم العين والباء وفتح الدال وخفض التاء، قال: وحجة حمزة في قراءته "وعبُد الطاغوت" أنه يحمله على ما عمل فيه "جعل" كأنه: وجعل منهم عبد الطاغوت. ومعنى "جعل" "خلق". كقوله: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} 4. وليس "عبد" لفظ جمع؛ لأنه ليس من أبنية الجموع شيء على هذا البناء، ولكنه واحد يراد به الكثرة، ألا ترى أن في الأسماء المفردة المضافة إلى المعارف ما لفظه لفظ الإفراد ومعناه الجمع، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} 5. ولأن بناء فعل يراد به المبالغة والكثرة نحو يَقُظَ ودَنُس; وكأن تقديره: أنه ذهب في عبادة الطاغوت كل مذهب.

وأما من فتح فقال {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} 6 فإنه عطفه على بناء المضي الذي في الصلة: وهو قوله: {لَعَنَهُ اللَّهُ} ، وأفرد الضمير في "عبد" وإن كان المعنى فيه الكثرة؛ لأن الكلام محمول على لفظه دون معناه، وفاعله ضمير "من" كما أن فاعل الأمثلة المعطوف عليها ضمير "من" فأفرد لحمل ذلك جميعا على اللفظ. وأما قوله: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} فهو جمع عبد7.

وقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} 8.

وقال أحمد بن يحيى: عُبُد جمع عابد; كبازل وبُزل، وشارف وشُرف، وكذلك عبد جمع عابد. ومثله عباد وعُبّاد". اهـ.

وقال شيخ الإسلام في قوله: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} 9 الصواب أنه معطوف على ما قبله من الأفعال، أي من لعنه وغضب عليه، ومن جعل منهم القردة والخنازير ومن عبد الطاغوت. قال: والأفعال المتقدمة الفاعل فيها اسم الله، مظهرا أو مضمرا. وهنا الفاعل اسم من عبد الطاغوت. وهو الضمير في "عبد" ولم يعد سبحانه "من" لأنه جعل هذه الأفعال صفة لصنف واحد وهم اليهود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015