قوله: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم. وعن أبي ذر رضي الله عنه1 قال:

{حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} 2.

" تركنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكر لنا منه علما "3 أخرجه الطبراني. قال4: وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بينته لكم " 5.

وقوله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} 6، كما قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} 7. وهكذا أمره تعالى في هذه الآية الكريمة، وهي قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أي عما جئتم به من الشريعة العظيمة المطهرة الكاملة {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} 8.

قلت: فاقتضت هذه الأوصاف التي وصف بها رسول الله صلي الله عليه وسلم في حق أمته أن أنذرهم وحذرهم الشرك الذي هو أعظم الذنوب، وبيّن لهم ذرائعه الموصلة إليه، وأبلغ في نهيهم عنها، ومن ذلك تعظيم القبور والغلو فيها، والصلاة عندها وإليها، ونحو ذلك مما يوصل إلى عبادتها كما تقدم، وكما سيأتي في أحاديث الباب.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا عليَّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " 9 رواه أبو داود بإسناد حسن. ورواته ثقات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015