قوله: "من تدركهم الساعة وهم أحياء" أي مقدماتها، كخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها. وبعد ذلك ينفخ في الصور نفخة الفزع.

فيه مسائل:

الأولى: ما ذكر الرسول فيمن بنى مسجدا يعبد الله فيه عند قبر رجل صالح، ولو صحت نية الفاعل.

الثانية: النهي عن التماثيل وغِلظ الأمر في ذلك.

قوله: "والذين يتخذون القبور مساجد" معطوف على خبر إن في محل نصب على نية تكرار العامل، أي وإن من شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد أي بالصلاة عندها وإليها، وبناء المساجد عليها، وتقدم في الأحاديث الصحيحة أن هذا من عمل اليهود والنصارى، وأن النبي صلي الله عليه وسلم لعنهم على ذلك، تحذيرا للأمة أن يفعلوا مع نبيهم وصالحيهم مثل اليهود والنصارى. فما رفع أكثرهم بذلك رأسا، بل اعتقدوا أن هذا الأمر قربة لله تعالى، وهو مما يبعدهم عن الله ويطردهم عن رحمته ومغفرته. والعجب أن أكثر من يدعي العلم ممن هو من هذه الأمة لا ينكرون ذلك، بل ربما استحسنوه ورغّبوا في فعله، فلقد اشتدت غربة الإسلام وعاد المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، نشأ على هذا الصغير وهرم عليه الكبير.

قال شيخ الإسلام: " أما بناء المساجد على القبور فقد صرح عامة الطوائف بالنهي عنه، متابعة للأحاديث الصحيحة. وصرح أصحابنا وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريمه. قال: ولا ريب في القطع بتحريمه، ثم ذكر الأحاديث في ذلك "إلى أن قال" وهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين، أو الملوك وغيرهم تتعين إزالتها بهدم أو غيره. هذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء المعروفين".

وقال ابن القيم -رحمه الله-: " يجب هدم القباب التي بنيت على القبور؛ لأنها أُسست على معصية الرسول صلي الله عليه وسلم، وقد أفتى جماعة من الشافعية بهدم ما في القرافة من الأبنية، منهم ابن الجميزي والظهير الترميني وغيرهما".

وقال القاضي ابن كج: " ولا يجوز أن تجصص القبور، ولا أن يبنى عليها قباب، ولا غير قباب، والوصية بها باطلة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015