وكذا قال ابن القيم: وفرق بينه وبين المدح بأن الإخبار عن محاسن الغير إما أن يكون إخبارا مجردا عن حب وإرادة، أو يكون مقرونا بحبه وإرادته. فإن كان الأول فهو المدح، وإن كان الثاني فهو الحمد. فالحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه. ولهذا كان خبرا يتضمن الإنشاء بخلاف المدح، فإنه خبر مجرد. فالقائل إذا قال: "الحمد لله" أو قال: "ربنا ولك الحمد" تضمن كلامه الخبر عن كل ما يحمد عليه تعالى باسم جامع محيط متضمن لكل فرد من أفراد الجملة المحققة والمقدرة، وذلك يستلزم إثبات كل كمال يحمد عليه الرب تعالى، ولهذا لا تصلح هذه اللفظة على هذا الوجه ولا تنبغي إلا لمن هذا شأنه، وهو الحميد المجيد.
وفيه: التصريح بأن الإمام يجمع بين التسميع والتحميد، وهو قول الشافعي وأحمد وخالف في ذلك مالك وأبو حنيفة، وقالا: يقتصر على "سمع الله لمن حمده".
قوله: "وفي رواية: يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام".
وذلك لأنهم رءوس المشركين يوم أحد، هم وأبو سفيان ابن حرب، فما استجيب له صلي الله عليه وسلم فيهم بل أنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} 2 فتاب عليهم فأسلموا وحسن إسلامهم. وفي كله معنى شهادة أن لا إله إلا الله الذي له الأمر كله، يهدي من يشاء بفضله ورحمته، ويضل من يشاء بعدله وحكمته.
وفي هذا من الحجج والبراهين ما يبين بطلان ما يعتقده عبّاد القبور في الأولياء والصالحين. بل في الطواغيت من أنهم ينفعون من دعاهم، ويمنعون من لاذ بحماهم. فسبحان من حال بينهم وبين فهم الكتاب. وذلك عدله سبحانه، وهو الذي يحول بين المرء وقلبه، وبه الحول والقوة.
قوله: وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أنزل الله عليه {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} 3 قال: " قام رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أنزل عليه {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} فقال:
يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم