قال ابن جرير: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} 1 من الملائكة والإنس والجن2 وساق بسنده عن مجاهد قال: عيسى وعزير والملائكة.
ثم قال: يقال تعالى ذكره3 قالت الملائكة الذين كان هؤلاء المشركون يعبدونهم من دون الله وعيسى: تنزيها لك يا ربنا وتبرئة مما أضاف إليك هؤلاء المشركون {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} 4 نواليهم {أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ} 5 انتهى.
قلت: وأكثر ما يستعمل الدعاء في الكتاب والسنة واللغة ولسان الصحابة ومَن بعدهم من العلماء: في السؤال والطلب، كما قال العلماء من أهل اللغة وغيرهم: الصلاة لغة الدعاء، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} 6 الآيتين وقال: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} 7، وَقَالَ: {وَإِذَا مَسَّ الأِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً} 8، وَقَالَ: {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} 9 وَقَالَ: {لا يَسْأَمُ الْأِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} 10 الآية. وقال: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} 11 الآية.
وفي حديث أنس مرفوعا: " الدعاء مخ العبادة "12 وفي الحديث الصحيح: " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " 13. وفي آخر: " من لم يسأل الله يغضب عليه "14 وحديث: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء " 15 رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه. وقوله: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض" 16 رواه الحاكم وصححه. وقوله: " سلوا الله كل شيء حتى الشِّسع إذا انقطع " 17 الحديث. وقال ابن عباس رضي الله عنه: " أفضل العبادة الدعاء " 18 وقرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 19 الآية. 20 رواه ابن المنذر والحاكم وصححه. وحديث: " اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان " 21 الحديث.
وحديث: 22 " اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " وأمثال هذا في الكتاب والسنة أكثر من أن يحصر، في الدعاء الذي هو السؤال والطلب، فمن جحد كون السؤال والطلب عبادة فقد صادم النصوص وخالف اللغة واستعمال الأمة سلفا وخلفا.