شركاء لله في استجلاب المنافع ودفع المكاره، بسؤالهم والالتجاء إليهم بالرغبة والرهبة والتضرع، وغير ذلك من العبادات التي لا يستحقها إلا الله تعالى، واتخذوهم شركاء لله في ربوبيته وإلهيته. وهذا فوق شرك كفار العرب القائلين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 1، {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} 2 فإن أولئك يدعونهم ليشفعوا لهم ويقربوهم إلى الله، وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك، لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.

وأما هؤلاء المشركون فاعتقدوا في أهل القبور والمشاهد ما هو أعصم من ذلك، فجعلوا لهم نصيبا من التصرف والتدبير، وجعلوهم معاذا لهم وملاذا في الرغبات والرهبات {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} 3.

وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} 4 أي لمن تاب إليه.

قال: "وقوله تعالى: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} 5".

وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} 6.

يأمر تعالى عباده بابتغاء الرزق منه وحده دون ما سواه ممن لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا، فتقديم الظرف يفيد الاختصاص. وقوله: {وَاعْبُدُوهُ} من عطف العام على الخاص؛ فإن ابتغاء الرزق عنده من العبادة التي أمر الله بها.

قال العماد ابن كثير - رحمه الله تعالى -: {فَابْتَغُوا} أي فاطلبوا {عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} أي لا عند غيره. لأنه المالك له، وغيره لا يملك شيئا من ذلك: {وَاعْبُدُوهُ} أي أخلصوا له العبادة وحده لا شريك له {وَاشْكُرُوا لَهُ} أي على ما أنعم عليكم {إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله.

قال: "وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} 7".

نفى سبحانه أن يكون أحد أضل ممن يدعو غيره. وأخبر أنه لا يستجيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015