قال: وقوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ َ} 1.

قال ابن عطية: معناه قيل لي: "ولا تدع" فهو عطف على "أقم" وهذا الأمر والمخاطبة للنبي صلي الله عليه وسلم. إذا كانت هكذا فأحرى أن يحذر من ذلك غيره. والخطاب خرج مخرج الخصوص وهو عام للأمة.

قال أبو جعفر ابن جرير في هذه الآية: يقول - تعالى ذكره -: ولا تدع يا محمد من دون معبودك وخالقك شيئا لا ينفعك في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يضرك في دين ولا دنيا، يعني بذلك الآلهة والأصنام، يقول: لا تعبدها راجيا نفعها أو خائفا ضرها فإنها لا تنفع ولا تضر. فإن فعلت ذلك فدعوتها من دون الله {فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} 3 يقول من المشركين بالله الظالم لنفسه4.

قلت: وهذه الآية لها نظائر كقوله: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} 5. وقوله: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} 6. ففي هذه الآيات بيان أن كل مدعو يكون إلها، والإلهية حق لله لا يصلح منها شيء لغيره. ولهذا قال: {لا إِلَهَ إِلا هُوَ} 7 كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} 8 وهذا هو التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه; كما قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} 9. والدين: كل ما يدان الله به من العبادات الظاهرة والباطنة. وفسره ابن جرير في تفسيره بالدعاء، وهو فرد من أفراد العبادة، على عادة السلف في التفسير، يفسرون الآية ببعض أفراد معناها، فمن صرف منها شيئا لقبر أو صنم أو وثن أو غير ذلك، فقد اتخذه معبودا وجعله شريكا لله في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015