الْبَعِيدَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَيَتَعَارَضُ الْأَمْرَانِ فِيمَا كَانَتْ نِسْبَتُهُ مُسْتَوِيَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحَاطُ فِيهِ فَيُجْعَلُ مِنْ الْأَعْلَى الْمُتَوَسِّطَ أَوْ الْبَعِيدَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي مُدَّعًى عَلَيْهِ غَائِبٌ عَنْ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ وَلَكِنَّهُ مُتَوَطِّنٌ بِوِلَايَتِهِ أَوْ لَهُ بِهَا مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمَاعٌ وَلَا حُكْمٌ بَلْ تُنْقَلُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ حُكْمٍ انْتَهَى وَصِفَةُ الْعَدْلِ الَّذِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي زَمَنِنَا الْإِسْلَامُ مَعَ عَدَمِ الِاشْتِهَارِ بِالْكَذِبِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْكَثْرَةِ وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِالْمَغْرِبِ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَاضِيَ فَاسَ مَوْلَايَ عَبْدَ الْهَادِي لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعُدُولِ الْآنَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ فَأَكْثَرَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْعَدْلُ فَمَنْ لَا يُعْرَفُ بِالْكَذِبِ وَقِيلَ يُجْبَرُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ بِقَطْعِ أُذُنِ وَلَدِهِ عَمْدًا وَقَدْ رُئِيَتْ السِّكِّينُ بِيَدِ الْعَبْدِ وَالدَّمُ عَلَيْهَا وَالصَّبِيُّ بِحِذَائِهِ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَإِنْ كَانَ بِمَالٍ إذْ لَا قِصَاصَ عَلَى الْعَبْدِ لِطَرَفِ الْحُرِّ لِقَرِينَةِ صِدْقِهِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي عَبْدٍ عَلَى بِرْذَوْنٍ مَشْي عَلَى إصْبَعِ صَبِيٍّ فَقَطَعَهُ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَهُوَ يُدْمِي وَهُوَ يَقُولُ هَذَا فَعَلَ بِي فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ وَيَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ الْبِسَاطِيُّ عَدَمُ قَبُولِ إقْرَارِ الْعَبْدِ فِي الْأَرْشِ إنَّمَا هُوَ لِلتُّهْمَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُهْمَةَ.
وَفِي مَوَاهِبِ الْقَدِيرِ وَيُجِيبُ عَنْ الدَّعْوَى بِمُوجِبِ الْقِصَاصِ وَهِيَ جِنَايَةُ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ عَلَى نَفْسِ أَوْ طَرَفِ الْعَبْدِ لَا سَيِّدِهِ لِأَنَّ جَوَابَ الدَّعْوَى إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الْمُجِيبُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بِالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَدَنِهِ يَلْزَمُهُ فَيَلْزَمُهُ الْجَوَابُ عَنْهَا وَلَا يُقْبَلُ جَوَابُ سَيِّدِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَمِثْلُ الْقِصَاصِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالتَّعْزِيرِ فَإِنْ اُتُّهِمَ الْعَبْدُ فِي إقْرَارِهِ كَأَنْ اسْتَحْيَاهُ وَلِيُّ الدَّمِ رُدَّ إقْرَارُهُ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْوَلِيُّ فَيَحْلِفُ وَيَرْجِعُ لِلْقِصَاصِ الْخَرَشِيُّ يُجِيبُ عَنْ الْقِصَاصِ الْعَبْدُ حَيْثُ لَمْ يُتَّهَمْ فَإِنْ اُتُّهِمَ بِأَنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ يَقْتُلُ مَنْ يُقْتَلُ بِهِ فَاسْتَحْيَاهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ إنْ لَمْ يَجْهَلْ مِثْلُهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ الْقِصَاصُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى جَهْلِهِ وَيُجِيبُ عَنْ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْعَبْدِ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ جَوَابُهُ فِيهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ تُوجِبُ قَبُولَ إقْرَارِهِ فَفِي كِتَابِ الدِّيَاتِ عَبْدٌ عَلَى بِرْذَوْنٍ مَشَى عَلَى أُصْبُعِ صَغِيرٍ فَقَطَعَهَا فَتَعَلَّقَ بِهِ وَهِيَ تُدْمِي قَائِلًا فَعَلَ بِي هَذَا وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَالْأَرْشُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي إعْذَارِ الْقَاضِي لِمَنْ أَرَادَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ هَلْ يُقَدَّمُ عَلَى التَّزْكِيَةِ أَمْ يُؤَخَّرُ عَنْهَا؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، يُقَدَّمُ التَّزْكِيَةُ وَسَائِرُ الشُّرُوطِ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الْحُكْمِ عَلَى الْإِعْذَارِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ.
(تَنْبِيهٌ) الْإِعْذَارُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ وَتَمَامِ النَّظَرِ وَالْإِعْذَارُ فِي شَيْءٍ نَاقِصٍ لَا يُفِيدُ قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَتُجَّارِهَا وَلَمْ يُعْرَفْ بِتَعَدِّيهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهِ بِهِ قَطُّ أَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى تَرِكَةٍ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَأَنْكَرُو لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْهُ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لَا يُمَكَّنُ مِنْ تَحْلِيفِهِ