يَرْتَحِلُ قَوْمٌ عَنْ قَرْيَةٍ فَيَخْلُفُهُمْ آخَرُونَ وَيَأْخُذُونَ دِيَارَهُمْ وَعِمَارَتَهُمْ وَرُبَّمَا جَرَى ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ وَالْقَلِيلِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَوَّلُونَ وَيَطْلُبُونَ رَبْعَهُمْ فَإِنْ ثَبَتَتْ أَمْلَاكُهُمْ بِبَيِّنَةٍ فَهِيَ لَهُمْ وَلَهُمْ إخْرَاجُ مَنْ خَلَفَهُمْ، وَإِلَّا كَانُوا غُصَّابًا، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتُوا شَيْئًا أَوْ ثَبَتَ أَنَّ الرِّقَابَ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ لِمَنْ مَلَكَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْرَابِ أَوْ الْوُلَاةِ أَوْ الْجُنْدِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا النَّقْضُ خَاصَّةً إنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَوْ كَانَ فِي شَرْطِهِمْ أَنَّ مَنْ خَرَجَ فَلَيْسَ لَهُ فِي النَّقْضِ وَلَا فِي الْعِمَارَةِ شَيْءٌ لَكَانَ كِرَاءً فَاسِدًا يُسْلَكُ فِيهِ مَسْلَكَ ذَلِكَ مِنْ الْإِقَامَةِ فِيهِ مُدَّةً أَوْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْبِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا خَرَجَ عَنْهُ أَرْبَابُهُ، وَلَمْ يُسَلِّمُوهُ لِغَيْرِهِمْ وَلَوْ أَسْلَمُوهُ لِمَنْ يَأْتِي لَكَانَ لَهُ وَنَحْوُهُ مَا جَرَى فِي الْقَيْرَوَانِ حِينَ جَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْضُهُمْ وَنَزَلَ فِي بَعْضِ مَنَازِلِ الْخَارِجِينَ وَلَوْ لَمْ يَدْرِ هَلْ خَرَجُوا عَلَى وَجْهِ الْإِسْلَامِ أَوْ الرُّجُوعِ لِتُخَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ فِيمَنْ أَسْلَمَ مَالَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ أَسْلَمَهُ فَانْظُرْهَا فِي شَرْحِ ابْنِ رُشْدٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ غَرَسَ فِي مَسْجِدٍ شَجَرًا وَحَوَّطَ عَلَيْهِ فَضَاقَ الْمَسْجِدُ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرِ وَهَدْمِ الْبِنَاءِ وَنَقْلِ ذَلِكَ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِهِ عَنْ هَيْئَتِهِ وَتَحْفِيرِهِ وَتَقْذِيرِهِ وَإِخْرَاجِهِ عَمَّا أَوْقَفَهُ وَاقِفُهُ لَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَكَذَا التَّحْوِيطُ وَتَضْيِيقُهُ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ جَبْرُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيَجِبُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ جَبْرُهُ عَلَى ذَلِكَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ الْقُرْآنَ الْعَزِيزَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَشْرَبُ فِيهِ الدُّخَّانَ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِتَشْوِيشِهِ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَتَنْجِيسِ الْأَوْلَادِ الْمَسْجِدَ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْخُرُوجِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إخْرَاجُهُ قَهْرًا عَنْهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ فِي الْمَسْجِدِ لِتَشْوِيشِهِ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَتَنْجِيسِ الْأَوْلَادِ الْمَسْجِدَ وَتَقْذِيرِهِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ شُرْبُ الدُّخَّانِ فِيهِ لِقُبْحِ رَائِحَتِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَى مَنْ بَسَطَ اللَّهُ يَدَهُ بِالْحُكْمِ تَأْدِيبُهُ وَإِخْرَاجُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى مَنْعِهِ فَهُوَ شَرِيكُهُ فِي الْإِثْمِ، قَالَ الشَّبْرَخِيتِيُّ: وَالْمَذْهَبُ مَنْعُ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ عَدَمُ التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّهُ الصَّحِيحُ اهـ وَقَالَ الْعَدَوِيُّ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا رَوَاهُ سَحْنُونٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ عَدَمُ التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّهُ الصَّحِيحُ انْتَهَى.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى وَيُرِيدُ مَنْعَ بَعْضِ النَّاسِ الْحَاصِلُ مِنْهُمْ الْإِيذَاءُ بِكَشُرْبِ دُخَانٍ وَحَدِيثٍ وَتَعْفِيشٍ فَهَلْ لَهُ الْمَنْعُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ. فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهُ الْمَنْعُ بَلْ يَجِبُ لِمَنْ أَرَادَ شُرْبَ الدُّخَانِ وَنَحْوِهِ فِي خُبْثِ الرَّائِحَةِ وَيَجِبُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ إعَانَتُهُ