لِأَنَّ حَقِيقَةُ الْخُنْثَى عَلَى مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ اضْطَرَبَتْ عِبَارَاتُهُمْ شَخْصٌ لَمْ تُوَافِقْ أَحْوَالُهُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِمُفْرَدِهِ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا أَخَذَ مِنْ كُلِّ طَرَفًا كَمَنْ لَهُ الْآلَتَانِ وَبِمَا إذَا لَمْ يُشَابِهْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا كَمَنْ لَهُ ثُقْبَةٌ فَقَطْ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ مَنْ لَا آلَةَ لَهُ وَلَا ثُقْبَةَ وَتَخْرُجُ فَضَلَاتُهُ مِنْ فَمِهِ وَالْخُنْثَى لَا تَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُ عِنْدَنَا مَا دَامَ مُشْكِلًا وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَّعَنَا بِهِ جَوَازًا نِكَاحُهُ بِإِحْدَى الْجِهَتَيْنِ ثُمَّ لَا يَنْتَقِلُ عَمَّا اخْتَارَهُ بِالْفِعْلِ، فَهَذَا الشَّخْصُ إنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ بِثَدْيٍ كَثَدْيِ النِّسَاءِ، أَوْ حَيْضٍ جَازَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِذَكَرٍ مُحَقَّقٍ، وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهِ عِنْدَنَا وَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَّعَنَا بِهِ وَلَا يَجُوزُ إتْيَانُهُ فِي دُبُرِهِ، وَلَوْ رَضِيَ بِهِ وَطَلَبَهُ، وَإِنْ وَقَعَ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَسْقُطُ بِالرِّضَا وَالطَّلَبِ، وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ وَطَلَاقُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَفَسْخِهِ، وَهُوَ سَقْطُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ وَطْئِهِ بِدُبُرِهِ لَزِمَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ اعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِانْدِرَاجِهِ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] وَفِي صَدَاقِ الْمَجْمُوعِ وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ، وَإِنْ فِي دُبُرٍ وَقَالَ أَيْضًا وَمَا فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا شَيْءَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا بِالرَّأْيِ ثُمَّ قَالَ وَطَلَاقُهُ قَبْلَهُ كَهُوَ اهـ.
وَقَالَ فِي خَاتِمَةِ الْمُخْتَصَرِ قَدْ عَرَفْت أَنَّ الْخُنْثَى لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ، فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ فَهَلْ فِي وَطْئِهِ الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّهُ يُشَدَّدُ فِي الْفُرُوجِ، أَوْ نِصْفُهُ قِيَاسًا عَلَى الْإِرْثِ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَلَى غَاصِبِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ أَمَّا عَلَى جَوَازِ نِكَاحِهِ فَظَاهِرٌ تَرَتُّبُ الصَّدَاقِ أَوْ يُجْعَلُ وَطْؤُهُ مِنْ قُبَيْلَ التَّلَذُّذِ وَيَأْتِي قَوْلُهُ وَتُعَاضُ الْمُتَلَذِّذ بِهَا، أَوْ لَا شَيْءَ فِيهِ أَصْلًا إلْحَاقًا لَهُ بِالذَّكَرِ مَعَ الذَّكَرِ وَبِالْمَرْأَةِ مَعَ النِّسَاءِ، أَوْ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي حَدِّهِ
(وَسُئِلَ) الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ بِمَا نَصُّهُ: مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ مَرِيضٍ غَائِبٍ عَنْ زَوْجَتِهِ أَرْسَلَ يُخَيِّرُهَا بَيْنَ أَنْ تَأْتِيَ عِنْدَهُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي هُوَ بِهَا أَوْ تَخْتَارُ نَفْسَهَا بِالْبَلْدَةِ الَّتِي هِيَ بِهَا فَأَبَتْ الذَّهَابَ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْحَيْضِ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَهَا مَوْتُ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَهِيَ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ فَهَلْ الْعَقْدُ عَلَيْهَا صَحِيحٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْحَيْضِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ) بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ اخْتِيَارُ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بَعْدَ تَخْيِيرِ زَوْجِهَا لَهَا بَتَّةٌ فَالْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ صَحِيحٌ وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ بِمَوْتِ زَوْجِهَا إلَّا الرَّجْعِيَّةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي يَتِيمَةٍ خِيفَ فَسَادُهَا فَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا رَجُلٌ مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ عَمِّهَا فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ؟ ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّتِهِ فَمَا حُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَيْسَ لِعَمِّهَا رَدُّهُ إنْ كَانَتْ دَنِيئَةً أَوْ شَرِيفَةً وَدَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا وَطَالَ الزَّمَنُ بَعْدَ دُخُولِهِ كَثَلَاثِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَهُ أَوْ الْحَاكِمُ إنْ غَابَ رَدُّهُ لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَصَحَّ بِهَا أَيْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فِي دَنِيَّةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبَرْ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ، وَإِنْ قَرُبَ فَلِلْأَقْرَبِ، أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الرَّدُّ، وَأَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْخَرَشِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَإِنْ زَوَّجَ الْمَرْأَةَ أَجْنَبِيٌّ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ، فَإِنْ كَانَ مَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ كَالْأَبِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَجَازَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِجْبَارُ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ قَدْرٍ، أَوْ دَنِيئَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ فَقَالَ مَالِكٌ مَا فَسْخُهُ بِالْبَيْنِ وَلَكِنَّهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَتَوَقَّفَ إذَا أَجَازَهُ بِالْقُرْبِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ إجَازَةُ ذَلِكَ وَرَدَّهُ مَا لَمْ يَبْنِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ دَخَلَ بِهَا عُوقِبَتْ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ وَالْمُنْكِحُ وَالشُّهُودُ إنْ عَلِمُوا، وَإِنْ كَانَتْ دَنِيئَةً فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ مَاضٍ مُطْلَقًا وَالثَّانِي كَذَاتِ الْقَدْرِ اهـ.
، وَقَدْ عَدَّ فِي الْمُخْتَصَرِ الْيَتِيمَةَ فِي الْأَبْكَارِ الَّتِي لَا بُدَّ فِي رِضَاهَا