حَلَفَ لِيُرْضِيَنَّ غَرِيمَهُ لِأَجَلِ كَذَا بَرَّ بِإِرْضَائِهِ بِقَضَائِهِ صَدْرَ مِثْلِ الثُّلُثِ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَمْ أَعْلَمْهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَدْ أَطْلَقَ الصَّدْرَ عَلَى الثُّلُثِ قُلْت، وَتَقَدَّمَتْ فِي الْأَيْمَانِ اهـ، وَنَصُّهُ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَسَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي شَعْبَانَ، وَرَمَضَانَ بَرَّ بِقَضَائِهِ كُلِّهِ فِي شَعْبَانَ أَوْ بَعْضِهِ فِيهِ، وَبَاقِيهِ فِي رَمَضَانَ، وَأُحِبُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ، وَإِنْ قَضَاهُ كُلِّهِ فِي رَمَضَانَ حِنْثٌ
ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُهُ إنْ قَضَى خُمُسَهُ فِي شَعْبَانَ بَرَّ، وَمَعْنَاهُ إنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا لِخُمُسِهِ قُدِّرَ، وَلَا يَبَرُّ فِي الْيَسِيرِ إلَّا بِالثُّلُثِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْكَثِيرَ مِثْلُهُ كَقَوْلِهِمْ فِيمَنْ حَلَفَ لِيُرْضِيَنَّهُ مِنْ حَقِّهِ أَنَّهُ يَبَرُّ بِالثُّلُثِ.
قُلْت فِي سَمَاعِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبَرُّ بِالْبَعْضِ فَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالثُّلُثِ، وَتَقْيِيدِهِ حَسَنٌ، وَلَا يَلْزَمُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاءَ لَا يَحْصُلُ بِكُلِّ قَدْرٍ، وَمُسَمَّى الظَّرْفِيَّةِ يَحْصُلُ بِهِ بَلْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ قَضَاهُ كُلَّهُ فِي رَمَضَانَ حَنِثَ دَلِيلُ بَقَاءِ لَفْظِ الْبَعْضِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ كَثِيرًا لِخُمُسِهِ قَدْرٌ يُرَدُّ بِأَنَّ نِسْبَةَ كُلِّ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَنِسْبَةِ مِثْلِهِ مِنْ آخَرَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ عَقْلًا كَالْأَعْدَادِ الْمُتَنَاسِبَةِ، وَشَرْعًا كَالثُّلُثِ فِي الْوَصَايَا، وَعَطِيَّةِ الزَّوْجَةِ انْتَهَى.
مَسَائِلُ النَّذْرِ (مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ عِنْدَهُ بَقَرَةٌ فَمَرِضَتْ وَالْحَالُ أَنَّهَا حَامِلٌ فَقَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ بَقَرَتِي فَعَلَيَّ ذَبْحُ مَا فِي بَطْنِهَا فِي مَوْلِدٍ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَفَاهَا اللَّهُ تَعَالَى وَوَلَدَتْ أُنْثَى ثُمَّ تَرَاخَى عَنْ ذَبْحِهَا حَتَّى كَبِرَتْ وَحَمَلَتْ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَبْحُهَا بِعَيْنِهَا أَوْ يَلْزَمُهُ ذَبْحُ بَدَلِهَا أَوْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عَمَلَ مَوْلِدٍ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ مَنْدُوبًا خُصُوصًا إنْ اشْتَمَلَ عَلَى مَكْرُوهٍ كَقِرَاءَةٍ بِتَلْحِينٍ أَوْ غِنَاءٍ، وَلَا يَسْلَمُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ، وَالنَّذْرُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْعَدَوِيُّ فِي مَبْحَثِ الْوَصِيَّةِ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ فَذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ مَكْرُوهٌ وَالْمَكْرُوهُ يَلْزَمُ الْوَارِثَ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إنْفَاذُ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّامِيُّ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ سَمَّى ذَبِيحَةً لِوَلِيٍّ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَشِرَاءُ كُتُبٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ بَيْرَقٍ أَوْ سِتْرٍ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ