وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ شَكَّ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَكَلَ، وَهُوَ شَاكٌّ فِي الْفَجْرِ. اللَّخْمِيُّ.
وَاخْتُلِفَ فِي الِاحْتِقَانِ بِالْمَائِعَاتِ هَلْ يَقَعُ بِهِ فِطْرٌ أَوْ لَا يَقَعُ بِهِ، وَأَنْ لَا يَقَعَ بِهِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَصِلُ إلَى الْمَعِدَةِ، وَلَا إلَى مَوْضِعٍ يَتَصَرَّفُ مِنْهُ مَا يُغَذِّي الْجِسْمَ بِحَالٍ. عِيَاضٌ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ فِي الْحُقْنَةِ بِالْفَتَائِلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْفِطْرِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُقْنَةِ الْمَائِعَةِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْحُقْنَةِ مُجْمَلًا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَائِعَاتِ فَلَا خِلَافَ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ، وَقَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَ فَتَائِلَ يَعْنِي فِي دُبُرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا دُهْنٌ أَمْ لَا اهـ، وَقَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ إذَا تَحَقَّقَ وُصُولَ الْحُقْنَةِ تَحْرُمُ يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا يُضْطَرُّ لَهَا، وَأَمَّا مَنْ اُضْطُرَّ لَهَا فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ تَفْصِيلِ أَبِي الْحَسَنِ فِي الْحُقْنَةِ، وَتَشْبِيهِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْجَائِفَةَ بِهَا أَنْ قَالَ الْمُدَوَّنَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْجَائِفَةِ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ تَحَقُّقِ عَدَمِ الْوُصُولِ فَقَطْ أَمَّا فِي حَالِ عِلْمِ الْوُصُولِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَفِي حَالِ الشَّكِّ الْخِلَافُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي التَّدَاوِي بِالْحُقْنَةِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ جَائِزٌ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ تَعَيَّنَتْ لِلتَّدَاوِي بِهَا فَالتَّدَاوِي بِهَا جَائِزٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَإِلَّا كُرِهَ قَالَ الْحَطَّابُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابٍ لَهُ فِي الطِّبِّ كَانَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَرَبِيعَةُ وَابْنُ هُرْمُزَ يَكْرَهُونَ الْحُقْنَةَ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ غَالِبَةٍ، وَيَقُولُونَ لَا تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ، وَهِيَ مِنْ فِعْلِ الْعَجَمِ، وَهِيَ ضَرْبٌ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَهَا، وَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَرِهَهَا، وَقَالَ هِيَ شُعْبَةٌ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ قَالَ عَبْدُ الْمَالِكِ سَمِعْت ابْنَ الْمَاجِشُونِ يَكْرَهُهَا، وَيَقُولُ كَانَ عُلَمَاؤُنَا يَكْرَهُونَهَا. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَانَ مَنْ مَضَى مِنْ السَّلَفِ، وَأَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ التَّعَالُجَ بِالْحُقَنِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ غَالِبَةٍ لَا يُوجَدُ عَنْ التَّعَالُجِ بِهَا مَنْدُوحَةٌ اهـ.
وَسَأَلَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ الْحُقْنَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَا. وَالْأَبْهَرِيُّ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ الدَّوَاءِ، وَفِيهَا مَنْفَعَةٌ لِلنَّاسِ، وَقَدْ أَبَاحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّدَاوِي، وَأَذِنَ فِيهِ قَالَ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ دَاءٍ إلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ فَتَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ» اهـ خَلِيلٌ فَظَاهِرُهُ مُعَارَضَةُ النَّقْلِ الْأَوَّلِ، وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ عَلَى حَالَةِ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا فَيُتَّفَقُ النَّقْلَانِ اهـ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ سَافَرَ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ، وَأَفْطَرَ فِيهِ فِي رَمَضَانَ فَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ؟