والبخاري من حديث أبي صالح عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة» (?).
هذا من العلم المشهور: أن عمرو بن لحي هو أول من نَصَب الأنصاب حول البيت. ويقال: إن جلبها من البلقاء من أرض الشام، متشبهًا بأهل البلقاء. وهو أول من سَيَّب السائبة. ووصل الوصيلة. وحم الحامي. فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه «رآه يجر قصبه في النار» وهي الأمعاء، ومنه سمي القَصَّاب بذلك، لأنها تشبه القَصَب.
ومعلوم أن العرب قبله كانوا على ملة أبيهم إبراهيم، على شريعة التوحيد والحنيفية السمحة، دين أبيهم إبراهيم فتشبهوا بعمرو بن لحي، وكان عظيم أهل مكة يومئذ، لأن خزاعة كانوا ولاة البيت قبل قريش، وكان سائر العرب متشبهين بأهل مكة لأن فيها بيت الله، وإليها الحج، ما زالوا معظَّمين من زمن إبراهيم عليه السلام. فتشبه عمرو بمن رآه في الشام. واستحسن بعقله ما كانوا عليه، ورأى أن في تحريم ما حرمه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي تعظيمًا لله ودينًا (?).