وجه الإنشاء المتضمن للالتزام والانقياد، مع تضمن ذلك الإخبار عما في أنفسهم. فالمنافقون قالوا مخبرين كاذبين فكانوا كفارًا في الباطن وهؤلاء قالوا غير ملتزمين ولا منقادين فكانوا كفارًا في الظاهر والباطن (?).
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى- تعليقًا على قصة وفد نصارى نجران: «وفيها أن إقرار الكاهن الكتابي لرسول الله بأنه نبي لم يدخله في الإسلام، ما لم يلتزم طاعته ومتابعته فإذا تمسَّك بدينه بعد هذا الإقرار لا يكون ردة منه، ونظير هذا قول الحبرين ... قالا: نشهد إنك نبي. قال: فما يمنعكما من اتباعي. قالا: نخاف أن تقتلنا اليهود» (?) ولم يلزمهما بذلك الإسلام، ومن تأمَّل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة، وأنه صادق فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام، علم أن الإسلام أمر وراء ذلك. وأنه ليس هو المعرفة فقط، ولا المعرفة والإقرار فقط، بل المعرفة، والإقرار، والانقياد، والتزام طاعته، ودينه ظاهرًا، وباطنًا» (?).
وقال أيضًا: رحمه الله: «وعلى هذا فإنما لم يحكم لهؤلاء اليهود الذين شهدوا له بالرسالة بحكم الإسلام، لأنه مجرد الإقرار والإخبار بصحة رسالته