ونحن الآن لسنا في مقام الرد، ولكن في مقام ضرب مثل على ما قلناه، فالكاتب هنا اشترط شروطا لإجراء حكم الكفر والردة لا تنطبق على إبليس اللعين.
فقد اشترط إقامة الحجة، وإظهار البرهان، ثم إن تبين بعد ذلك «إصراره» أي إذا فعل الكفر بعد ذلك ولم يكن مصرًا عليه فلا يكفر فيا لها من فضحية عافانا الله وكاتبها وجميع المسلمين من كل سوء.
ثم أضاف إلا الإصرار أن يكون المصر معاندًا، مستكبرًا، جاحدًا وإبليس اللعين لم يكن جاحدًا، وكيف يجحد، وقد كان الله -جل في علاه- هو الذي يخاطبه بنفسه الكريمة دون إرسال رسول إليه.
فالكفر عند هؤلاء لا يكون إلا بالاعتقاد كسلفهم من غلاة المرجئة، وأما عن أهل السنة فيقع بالقول، وبالفعل، وبالاعتقاد، وترتب على ما أراد هذا الفريق:
تمييع التوحيد في نفوس الأمة، بسبب تهوين أمر ضده ونقيضه الشرك الأكبر. الحكم بالإسلام على أناس كافرين، ومرتدين عن الملة.
إصباغ الشرعية على الطواغيت وأعوانهم.
تمييع أصل من أصول الإسلام، وركن من أركان الإيمان، وهو وجوب البراءة من المشركين والمرتدين، لأن من حكم بالإسلام عليهم فلابد وحتمًا سوف يقوم بموالاتهم ونصرتهم.
ولكن يجب هنا التفريق بين من قام بنصرة المرتدين على ردتهم ومن أجلها وبين من قام بنصرتهم لأجل إسلامهم -في زعمه- في أمور لا تمس