الصحابة -رضي الله عنهم- إلى وقتنا هذا.
وقال الإمام أبو الوفاء بن عقيل: لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرك إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، وهم عندي كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا، وإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى انتهى كلامه.
والمراد منه قوله: وهم عندي كفار بهذه الأوضاع.
وقال أيضًا في كتاب الفنون: «لقد عظم الله الحيوان لا سيما ابن آدم، حيث أباحه الشرك عند الإكراه، فمن قدم حرمة نفسك على حرمته حتى أباحك أن تتوقى عن نفسك بذكره بما لا ينبغي له سبحانه، لحقيق أن تعظم شعائره وتوقر أوامره وزواجره، وعصم عرضك بإيجاب الحد بقذفك، وعصم مالك بقطع يد مسلم في سرقته، وأسقط شطر الصلاة في السفر لأجل مشقتك، وأقام مسح الخف مقام غسل الرجل إشفاقًا عليك من مشقة الخلع واللبس وأباحك الميتة سدًا لرمقك وحفظًا لصحتك، وزجرك عن مضارك بحد عاجل ووعيد آجل وخرق العوائد لأجلك، وأنزل الكتب إليك.
أيحسن لك مع هذا الإكرام أن يراك على ما نهاك عنه منهمكًا ولما أمرك تاركًا؟ وعلى ما زجرك مرتكبًا؟ وعن داعيه معرضًا، ولداعي عدوه فيك
مطيعًا؟