ومن أكبر ما فيه من الفوائد أنه يبين حال من أقر بهذا الدين وشهد أنه الحق، وأن الشرك هو الباطل، وقال بلسانه ما أريد منه، ولكن لا يدين بذلك، إما بغضًا، أو إيثارًا للدنيا مثل تجارة، أو غيرها فيدخلون في الإسلام، ثم يخرجون منه كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [المنافقون: 3]، وقال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} [النحل: 106]، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ} [النحل: 107].
فإذا قال هؤلاء بألسنتهم: نشهد أن هذا دين الله ورسوله، ونشهد أن المخالف به باطل، وأنه الشرك بالله غَرَّ هذا الكلام ضعيف البصيرة.
وأعظم من هذا وأطم أن أهل حريملا، ومن وراءهم يصرحون بمسبة الدين، وأن الحق ما عليه أكثر الناس، يستدلون بالكثرة على حسن ما هم فيه من الدين، ويفعلون، ويقولون ما هو من أكبر الردة وأفحشها.
فإذا قالوا: التوحيد حق، والشرك باطل، وأيضًا لم يحدثوا في بلدهم أوثانًا جادل الملحد عنهم، وقال: إنهم يقرون أن هذا شرك، وأن التوحيد هو الحق ولا يضرهم عنده ما هم عليه من السب لدين الله، وبغي العوج له، ومدح الشرك وذبهم دونه بالمال، واليد واللسان، فالله المستعان.
وقال أبو العباس أيضًا في الكلام على كفر مانعي الزكاة: والصحابة لم يقولوا: هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها؟
هذا لم يعهد عن الخلفاء والصحابة، بل قال الصديق لعمر - رضي الله عنه -: والله