..............................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
لا شك أن الآية نزلت في منافق كان يوالي يهودًا أو نصارى خوفًا على نفسه من دوائر الدهر، لأن الآية التي بعد هذه تدل على ذلك، وذلك قوله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}. الآية.
وأما قوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} فإنه عني بذلك: أن بعض اليهود أنصار بعضهم على المؤمنين، ويد واحدة على جميعهم، وأن النصارى كذلك بعضهم أنصار بعض على من خالف دينهم وملتهم، معرفًا بذلك عباده المؤمنين: أن من كان لهم أو لبعضهم وليًا، فإنما هو وليهم على من خالف ملتهم ودينهم من المؤمنين، كما اليهود والنصارى لهم حرب، فقال تعالى ذكره للمؤمنين: فكونوا أنتم أيضًا بعضكم أولياء بعض ولليهودي والنصراني حربًا كما هم لكم حرب، وبعضهم لبعض أولياء، لأن من والاهم فقد أظهر لأهل الإيمان الحرب، ومنهم البراءة، وأبان قطع ولايتهم.
تأويل الكلام إذا: فترى يا محمد الذين في قلوبهم مرض، وإيمان بنبوتك، وتصديق ما جئتهم به من عند ربك {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} يعني: في اليهود والنصارى، ويعني بمسارعتهم فيهم: مسارعتهم في موالاتهم ومصانعتهم {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}، يقول هؤلاء المنافقون: إنما نسارع في موالاة هؤلاء اليهود والنصارى خوفًا من دائرة تدور علينا من عدونا، ويعني بالدائرة الدولة، كما قال الراجز:
«ترد عنك القدر المقدورا ... ودائرات الدهر أن تدورا»