هذا الفصل أعني الفصل الأول في الشرك الأكبر -الآية التي في سورة سبأ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سبأ: 22]- إلى قوله: {إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23].

وتكلم عليها، ثم قال: والقرآن مملوء من أمثالها ولكن أكثر الناس لا يشعر بدخول الواقع تحته، ويظنه في قوم قد خلوا ولم يعقبوا وارثًا هذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن.

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية».

هذا لأنه إذا لم يعرف الشرك وما عابه القرآن وذمه، وقع فيه وأقره وهو لا يعرف أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية، فتنقض بذلك عرى الإسلام، ويعود المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، والبدعة سنة، والسنة بدعة، ويكفر الرجل بمحض الإيمان وتجرد التوحيد، ويبدع بتجريد متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومفارقة الأهواء والبدع، ومن له بصيرة وقلب حي يرى ذلك عيانًا فالله المستعان.

فصل

وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء، والحلف بغير الله، وقول: هذا من الله ومنك وأنا بالله وبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا، وقد يكون هذا شركًا أكبر بحسب حال قائله ومقصده. ثم قال الشيخ -يعني ابن القيم رحمه الله تعالى- بعد ذكر الشرك الأكبر والأصغر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015