دولتهم نحو مائتي سنة قد انطفأ نور الإسلام والإيمان، حتى قالت فيها العلماء: إنها كانت دار ردة ونفاق كدار مسيلمة الكذاب.
والقرامطة الخارجين بأرض العراق، الذين كانوا سلفًا لهؤلاء القرامطة ذهبوا من العراق إلى المغرب، ثم جاؤوا من المغرب إلى مصر.
فإن كفر هؤلاء وردتهم من أعظم الكفر والردة، وهم أعظم كفرًا وردة من كفر أتباع مسيلمة الكذاب، ونحوه من الكذابين. فإن أولئك لم يقولوا في الإلهية والربوبية والشرائع ما قاله أئمة هؤلاء.
ولهذا يميز بين قبورهم وقبور المسلمين، كما يميز بين قبور المسلمين والكفار فإن قبورهم موجهة إلى غير القبلة.
ومن علم حوادث الإسلام، وما جرى فيه بين أوليائه وأعدائه الكفار والمنافقين، علم أن عداوة هؤلاء المعتدين للإسلام الذي بعث الله به رسوله أعظم من عداوة التتار، وأن علم الباطن الذي كانوا يدعون حقيقته هو إبطال الرسالة التي بعث الله بها محمدًا، بل إبطال جميع المرسلين، وأنهم لا يقرون بما جاء به الرسول عن الله ولا من خبره ولا من أمره، وأن لهم قصدًا مؤكدًا في إبطال دعوته، وإفساد ملته، وقتل خاصته، وأتباع عترته.
وأنهم في معاداة الإسلام بل وسائر الملل: أعظم من اليهود والنصارى، فإن اليهود والنصارى يقرون بأصل الجمل التي جاءت بها الرسل، كإثبات الصانع والرسل والشرائع واليوم الآخر، ولكن يكذبون بعض الكتب والرسل،