ولهذا اتفق العلماء على أنه من سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها، لأنه إنما يكون ذلك لأركان بيت الله، فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق. كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصل الدين ورأسه، الذي لا يقبل الله عملاً إلا به ويغفر لصاحبه ولا يغفر لمن تركه قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النساء: 116].
ولهذا كانت كلمة التوحيد أفضل الكلام وأعظمه، وأعظم آية في القرآن آية الكرسي: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة».
والإله هو: الذي تؤلهه القلوب عبادة له، واستعانة به ورجاء له وخشية وإجلالاً انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
فتأمل: أول الكلام وآخره، وتأمل كلامه فيمن دعا نبيًا أو وليًا، مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني ونحوه، أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، هل يكون هذا إلا في المعين؟ والله المستعان.
وتأمل كلامه في اللات والعزى ومناة وما ذكر بعده يتبين لك الأمر إن شاء الله تعالى.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في شرح المنازل في باب التوبة: وأما الشرك فهو نوعان: أكبر وأصغر، فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندًا يحبه كما يحب الله، بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من