وأما من كانت حاله حال أهل الجاهلية، لا يعرف التوحيد الذي بعث الله رسوله يدعو إليه، ولا الشرك الذي بعث الله رسوله ينهى عنه، ويقاتل عليه، فهذا لا يقال: إنه مسلم لجهله، بل من كان ظاهر عمله الشرك بالله فظاهره الكفر، فلا يستغفر له، ولا يتصدق عنه، ونكل حاله إلى الله الذي يبلو السرائر، ويعلم ما تخفي الصدور.
«تكفير المعين، أي: الكفر المعذب عليه، لا يكون إلا بعد إقامة الحجة»
ولا نقول: فلان مات كافرًا، لأنا نفرق بين المعين وغيره، فلا نحكم على معين بكفر، لأنا لا نعلم حقيقة حاله وباطن أمره، بل نكل ذلك إلى الله، ولا نسب الأموات، بل نقول: أفضوا إلى ما قدموا، وليس هذا من الدين الذي أمرنا الله به، بل الذي أمرنا به أن نعبد الله وحده ولا نشرك به، ونقاتل من أبى عن ذلك، بعدما ندعوه إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أصر وعاند كفرناه، وقاتلناه.
فينبغي للطالب أن يفهم الفرق بين المعين وغيره، فنكفر من دان بغير الإسلام جملة، ولا نحكم على معين بالنار، ونلعن الظالمين جملة، ولا نخص معينًا بلعنة، كما قد ورد في الأحاديث: من لعن السارق، وشارب الخمر، فنلعن
من لعنه الله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جملة، ولا نخص شخصًا بلعنة، يبين ذلك:
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن شارب الخمر جملة، ولما وجد رجلاً
قد شرب، قال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به النبي