على المتكلمين، لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرًا قال: وهذا إن كان في المقالات الخفية فقد يقال: إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها، لكن هذا يصدر عنهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بها وكفر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه من الملائكة والنبيين وغيرهم، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام، ومثل إيجاب الصلوات الخمس وتعظيم شأنها ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر الميسر، ثم تجد كثيرًا من رءوسهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين، وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف في دين المشركين، كما فعل أبو عبد الله الرازي «يعني الفخر الرازي» قال: وهذه ردة صريحة باتفاق المسلمين انتهى كلامه.

فتأمل هذا، وتأمل ما فيه من تفصيل الشبهة التي يذكرها أعداء الله.

لكن من يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئًا.

على أن الذي نعتقده، وندين لله به، ونرجو أن يثبتنا عليه: أنه لو غلط هو، أو أجل منه في هذا المسألة، وهي مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين، أو يزعم أنه على حق، أو غير ذلك من الكفر الصريح الظاهر، الذي بينه الله ورسوله، وبينه علماء الأمة، أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره، ولو غلط من غلط، فكيف -والحمد لله- ونحن لا نعلم عن واحد من العلماء خلافًا في هذا المسألة، وإنما يلجأ من شاق فيها إلى حجة فرعون: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} [طه: 51]- أو حجة قريش: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ} [ص: 7].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015