آَلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23].

ذكر ابن عباس وغيره من السلف أن هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم. ذكر هذا البخاري في صحيحه، وأهل التفسير كابن جرير وغيره.

ومما يبين صحة هذه العلة: أنه لعن من يتخذ قبور الأنبياء مساجد، ومعلوم أن قبور الأنبياء لا يكون ترابها نجسًا. وقال عن نفسه: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد»، فعلم أن نهيه عن ذلك، كنهيه عن الصلاة عند طلوع الشمس، وعند غروبها سدًا للذريعة، لئلا يصلى في هذه الساعة، وإن كان المصلي لا يصلي إلا لله، ولا يدعو إلا الله، لئلا يفضي ذلك إلى دعائها والصلاة لها، وكلا الأمرين قد وقع، فإن من الناس من يسجد للشمس، وغيرها من الكواكب، ويدعوها بأنواع الأدعية. وهذا من أعظم أسباب الشرك الذي ضل به كثير من الأولين والآخرين، حتى شاع ذلك في كثير ممن ينتسب إلى الإسلام، وصنف بعض المشهورين فيه كتابًا على مذهب المشركين، مثل أبي معشر البلخي، وثابت بن قرة، وأمثالهما، ممن دخل في الشرك وآمن بالطاغوت، والجبت، وهم ينتسبون إلى الكتاب، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51]. انتهى كلام الشيخ رحمه الله.

فانظر رحمك الله إلى هذا الإمام الذي ينسب عنه من أزاغ الله قلبه عدم تكفير المعين، كيف ذكر عن مثل الفخر الرازي وهو من أكابر أئمة الشافعية؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015