الذي لقيتني بمكة» قال: قلت بلى، فقلت: يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله أخبرني عن الصلاة، قال: «صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد له الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح؛ ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار». وذكر الحديث.
قال أبو العباس -رحمه الله تعالى-: فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة وقت طلوع الشمس، ووقت الغروب، معللاً ذلك النهي: بأنها تطلع وتغرب بين قرني شيطان، وأنه حينئذ يسجد لها الكفار.
ومعلوم أن المؤمن لا يقصد السجود إلا لله. وأكثر الناس قد لا يعلمون أن طلوعها وغروبها بين قرني شيطان، ولا أن الكفار يسجدون لها. ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة في هذا الوقت حسمًا لمادة المشابهة.
ومن هذا الباب: أنه كان - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى إلى عود أو عمود جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولم يصمد له صمدًا.
ولهذا نهى عن الصلاة إلى ما عبد من دون الله في الجملة، وإن لم يكن العابد يقصد ذلك، ولهذا ينهى عن السجود لله بين يدي الرجل وإن لم يقصد الساجد ذلك، لما فيه من مشابهة السجود لغير الله انتهى كلامه.