فإذا كان هذا حال من شك في كفره مع معاداته له، ومقته له، فكيف بمن يعتقد أنه مسلم، ولم يعاده؟ فكيف بمن أحبه؟ فكيف بمن جادل عنه، وعن طريقته، وتعذر أنا لا نقدر على التجارة وطلب الرزق إلا بذلك؟ وقد قال تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} [القصص: 57] (23/ش).
الأسباب، التي يعتذر بها العالم إذا أخطأ ولم يقم عنده دليل على كفر من قام به هذا الوصف، الذي يكفر به، من قام به بل إذا بان له، ثم بعد ذلك عاند وكابر وأصر» (?).
(23/ش) قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسير هذه الآية: «يقول تعالى مخبرًا عن اعتذار بعض الكفار في عدم اتباع الهدى حيث قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} [القصص: 57] أي: نخشى إن اتبعنا ما جئت به من الهدى، وخالفنا من حولنا من أحياء العرب المشركين، أن يقصدونا بالأذى، والمحاربة، ويتخطفونا أينما كنا. قال الله تعالى مجيبًا لهم: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا} يعني: هذا الذي اعتذروا به كذب وباطل، لأن الله تعالى جعلهم في بلد آمين، وحرم معظم آمن منذ وضع، فكيف يكون هذا الحرم آمنًا لهم في حال كفرهم وشركهم، ولا يكون آمنًا لهم وقد أسلموا وتابعوا الحق؟» (?).