سئل ابن تيمية: «ما تقول السادة العلماء، أئمة الدين، وهداة المسلمين -رضي الله عنهم أجمعين- في الكلام الذي تضمنه كتاب فصوص الحكم، وما شاكله من الكلام الظاهر في اعتقاد قائله أن الرب والعبد شيء واحد ليس بينهما فرق، وأن ما ثم غير، كمن قال في شعره: أنا وهو واحد ما معنا شيء.
ومثل: أنا من أهوى ومن أهوى أنا.
ومثل: إذا كنت ليلى وليلى أنا.
وكقول من قال: لو عرف الناس الحق ما رأوا عابدًا ولا معبودًا.
وحقيقة هذه الأقوال لم تكن في كتاب الله عز وجل، ولا في السنة، ولا في كلام الخلفاء الراشدين، والسلف الصالحين.
ويدعي القائل لذلك: أنه يحب الله -سبحانه وتعالى-، والله تعالى يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] الآية.
والله -سبحانه وتعالى- ذكر خير خلقه بالعبودية في غير موضع، فقال تعالى عن خاتم رسله: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10]، وكذلك قال في حق عيسى -عليه السلام-: {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} [الزخرف: 59]، وقال تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172] الآية.
فالنصارى كفار بقولهم مثل هذا القول في عيسى بمفرده، فكيف بمن