والمراد بهذا: أن بعض الملحدين نسب إلى الشيخ أن هذا شرك أصغر، وشبهته أنه ذكره في الفصل الثاني الذي ذكر في أوله الأصغر، وأنت رحمك الله تجد الكلام من أوله إلى آخره في الفصل الأول، والثاني صريحًا لا يحتمل التأويل من وجوه كثيرة منها:
أن دعاء الموتى والنذر لهم ليشفعوا له عند الله هو الشرك الأكبر، الذي بعث الله النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عنه، فكفر من لم يتب منه وقاتله وعاداه، وآخر ما صرح به قوله آنفًا: وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر، إلى آخره.
فهل بعد هذا البيان بيان إلا العناد، بل الإلحاد.
ولكن تأمل قوله -أرشدك الله- وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر إلا من عادى المشركين، إلى آخره، وتأمل أن الإسلام لا يصح إلا بمعاداة أهل الشرك الأكبر، وإن لم يعادهم فهو منهم وإن لم يفعله (21/ش).
(21/ش) قال الإمام العلامة ابن تيمية في وجوب البراءة من الشرك وأهله حتى يصح إيمان العبد وإسلامه: «فإن أهل الملل متفقون على أن الرسل جميعهم نهوا من عبادة الأصنام، وكفروا من يفعل ذلك، وأن المؤمن لا يكون مؤمنًا حتى يتبرأ من عبادة الأصنام وكل معبود سوى الله، كما قال الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى