فهؤلاء الذين اتخذوا القبور أوثانًا تجدهم يستهزئون بما هو من توحيد الله وعبادته، ويعظمون ما اتخذوه من دون الله شفعاء، ويحلف أحدهم اليمين الغموس كاذبًا، ولا يجترئ أن يحلف بشيخه كاذبًا.
وكثير من طوائف متعددة ترى أحدهم يرى: أن استغاثته بالشيخ إما عند قبره، أو غير قبره أنفع له من أن يدعو الله في المسجد عند السحر، ويستهزئ بمن يعدل عن طريقته إلى التوحيد، وكثير منهم يخربون المساجد، ويعمرون المشاهد فهل هذا إلا من استخفافهم بالله وبآياته ورسوله، وتعظيمهم للشرك؟!!
وإذا كان لهذا وقف ولهذا وقف، كان وقف الشرك أعظم عندهم مضاهاة لمشركي العرب، الذين ذكرهم الله في قوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136] الآية، فيفضلون ما يجعل لغير الله على ما يجعل لله، ويقولون: الله غني وآلهتنا فقيرة.
وهؤلاء إذا قصد أحدهم القبر، الذي يعظمه يبكي عنده، ويخشع، ويتضرع ما لا يحصل له مثله في الجمعة، والصلوات الخمس، وقيام الليل فهل هذا إلا من حال المشركين لا الموحدين؟!!
ومثل هذا أنه إذا سمع أحدهم سماع الأبيات حصل له من الخشوع والحضور ما لا يحصل له عند الآيات، بل يستثقلونها، ويستهزئون بها، وبمن يقرؤها، مما حصل لهم به أعظم نصيب من قوله: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}.