تُعْبدُ، فجمعوا بين الشرك بالمعبود، وتغيير دينه، ومعاداة أهل التوحيد، ونسبتهم إلى تنقص الأموات، وهم قد تنقصوا الخالق بالشرك وأولياءه المؤمنين بذمهم ومعاداتهم، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا أو أنهم أمروهم به، وهؤلاء أعداء الرسل في كل زمان ومكان، وما أكثر المستجيبين لهم. ولله در خليله إبراهيم عليه السلام حيث يقول: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 35، 36].
وما نجا مِنْ شَرَكِ هذا الشرك الأكبر إلا من جرد التوحيد لله وعادى المشركين في الله، وتقرب بمقتهم إلى الله. انتهى كلامه (21/ش).
(21/ش) هذا هو حال المشركين في كل زمان ومكان، عدلوا بالله غيره، واستبدلوا الشرك بالتوحيد، والكفر بالإيمان، والعصيان بالطاعة وحب المخلوق بحب الخالق، وخوف المخلوق بالخوف من الخالق .. حتى تملكهم الشرك، وأشربته قلوبهم قال الله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}
[البقرة: 93] الآية.
حتى بلغ الأمر بهم إلى درجة الاستهزاء بالتوحيد ودعاته، مع وجود الإصرار التام على المضي قدمًا في سبيل الشرك والتنديد، وبذل كل ما يملكون من مادي ومعنوي للصد، وللحد من انتشار وغلبة التوحيد على