والله -جل في علاه- لا يأذن إلا لموحد مؤمن أن يشفع في موحد عاص فكفى بنور هذه الآية تجريدًا للتوحيد، واجتثاثًا لأصول الشرك ومواده
لمن عقلها.
قال إمامنا، الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 22، 23]، فبين سبحانه أن من دعي من دون الله من جميع المخلوقات، من الملائكة والبشر وغيرهم أنهم لا يملكون مثقال ذرة في ملكه، وأنه ليس له شريك في ملكه، بل هو سبحانه له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأنه ليس له عون يعاونه كما يكون للملك أعوان وظهراء، وأن الشفعاء عنده لا يشفعون إلا لمن ارتضى.
فنفى بذلك وجوه الشرك، وذلك أن من يدعون من دونه إما أن يكون مالكًا، وإما أن لا يكون مالكًا؛ وإذا لم يكن مالكًا، فإما أن يكون شريكًا، وإما أن لا يكون شريكًا.
وإذا لم يكن شريكًا، فإما أن يكون معاونًا، وإما أن يكون سائلاً طالبًا، فالأقسام الأول الثلاثة وهي الملك والشركة والمعاونة منتفية.
وأما الرابع فلا يكون إلا من بعد إذنه. كما قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ